🏜️ البداية المتواضعة: من طفل إلى قائد
في عام 1137م، وُلد يوسف بن أيوب، الذي سيعرفه التاريخ لاحقًا باسم صلاح الدين الأيوبي، في مدينة تكريت (بالعراق اليوم)، وسط عائلة كردية محترمة.

لم يُولد في قصر، ولم يكن ابن ملك، بل نشأ في بيت بسيط، لكنّه تربّى على قيم عظيمة:
-
حب الإسلام
-
الأخلاق الفروسية
-
والشجاعة بلا ظلم
كان والده يعمل تحت راية عماد الدين زنكي، ثم نور الدين محمود، وهما من أبرز حكّام الشام في زمن الحروب الصليبية.
نشأ صلاح الدين على طلب العلم، وتعلّم الفقه والحديث قبل أن يحمل السيف.
لكنه لم يكن يحب القتال في بداياته، بل كان هادئ الطبع، متواضعًا، يُفضّل التأمل والعلم على المعارك… حتى جاءت اللحظة التي غيّرت مجرى حياته.
⚔️ إلى مصر… حيث تبدأ البطولة
بعثه نور الدين محمود إلى مصر مع عمه القائد أسد الدين شيركوه، في حملة للدفاع عن البلاد ضد الخطر الصليبي والتدخلات الفاطمية.
لم يكن أحد يتوقع أن هذا الشاب الخجول، الذي لم يقد جيشًا من قبل، سيصبح خلال سنوات حاكم مصر… وسيد الشام… ومحرر القدس!
وبعد وفاة عمه شيركوه، تولى صلاح الدين الوزارة في مصر، ثم القيادة، وأصبح مع الوقت الحاكم الفعلي لها.
لكنه لم ينشغل بالسلطة…
بل بدأ أكبر مشروع في حياته:
توحيد المسلمين تحت راية واحدة لمواجهة الصليبيين.
🕌 حلم الوحدة قبل المعركة
كان العالم الإسلامي في ذلك الزمن ممزقًا:
-
أمراء متنازعون.
-
دول صغيرة متفرقة.
-
البعض تحالف مع الصليبيين ضد إخوانه المسلمين!
لكن صلاح الدين كان يرى أن المعركة الحقيقية لا تبدأ بالسيف… بل تبدأ من وحدة الصف.
فسعى جاهدًا لتوحيد مصر والشام والحجاز واليمن، بالمفاوضات أحيانًا، وبالقوة أحيانًا، لكن دائمًا بالحكمة وبعد النظر.
كان يقول:
“لن ندخل القدس… حتى نجمع القلوب أولًا.”
🔥 حطين… معركة لا تُنسى
في عام 1187، اجتمع جيش صلاح الدين قرب بحيرة طبرية لملاقاة جيوش الصليبيين بقيادة ملك القدس غي دي لوزينيان.
كانت معركة حطين لحظة مفصلية في التاريخ الإسلامي.
اختار صلاح الدين الزمان والمكان بدقة، واستدرج خصومه إلى منطقة جافة بلا ماء، ثم أحكم الحصار عليهم.
قاتل بذكاء وصبر، حتى تمكّن من سحق الجيش الصليبي، وأسر الملك نفسه، ومعه كبار القادة.
هذا النصر فتح له الطريق نحو الهدف الأعظم…
🕊️ القدس… الحلم الذي تحقّق
بعد حطين، لم يتردد صلاح الدين.
تقدّم نحو القدس، المدينة التي ظلت تحت الاحتلال الصليبي قرابة 90 سنة.
حاصرها بأسلوب حضاري، وأرسل رسائل لسكانها تدعوهم للاستسلام بأمان.
وبالفعل، سلّم الصليبيون المدينة، ودخلها صلاح الدين محرّرًا، لا منتقمًا.
وهنا… كتب التاريخ لحظة نادرة:
-
لم يُقتل مدني.
-
لم يُحرق بيت عبادة.
-
لم تُدنس كنيسة أو معبد.
بل أعطى الأمان لكل من أراد البقاء أو الخروج، وسمح بعودة المسلمين والمسيحيين واليهود للعيش معًا في المدينة.
قال أحد مؤرخي الغرب عن صلاح الدين:
“لم نرَ في تاريخنا فارسًا أنبل منه.”
🧠 أكثر من مجرد قائد
كان صلاح الدين رجل دولة، محبًا للعلم والعلماء، يُنفق من ماله لبناء المدارس والمستشفيات.
كان يصلي الفجر في جماعة، ويقضي وقته في العمل، ولا يعرف الكِبر أو الغرور.
عندما سأله أحدهم لماذا لا يلبس التاج أو الزينة كغيره من الملوك، قال ببساطة:
“نحن قوم أعزّنا الله بالإسلام… فمتى ابتغينا العز بغيره أذلّنا الله.”
💔 النهاية التي أبكت الناس
بعد سنوات من الجهاد والعمل الدؤوب، مرض صلاح الدين مرضًا شديدًا.
وفي عام 1193م، توفّي في دمشق.
وعندما فتّشوا خزائنه… لم يجدوا سوى:
-
درع
-
حصان
-
وبعض الدنانير لا تكفي حتى لتكفينه
رجل حكم نصف العالم الإسلامي… ومات كما ولد: بسيطًا، عظيمًا، نقيًّا.
💡 لماذا لا يزال اسمه خالدًا؟
لأن صلاح الدين لم يكن قائدًا فقط…
بل كان إنسانًا يجمع بين العقل، والقلب، والسيف، والرحمة.
قاتل بشرف، وعفا بكرم، وأحب شعبه وأحبوه.
❤️ الدرس لنا اليوم:
-
لا وحدة بلا صدق.
-
لا نصر بلا علم وعدل.
-
لا خلود إلا لمن عاش للناس… لا لنفسه.
📝 إذا ذكرت كلمة “القدس”، فاذكر معها صلاح الدين… الرجل الذي سجد لله على أبوابها، لا ليتفاخر، بل ليبكي من شدة الامتنان.

