كاثرين جونسون… المرأة التي حسبت طريق ناسا إلى القمر

الفصل الأول: الطفلة التي تتحدى الأرقام

في صباح ريفي هادئ عام 1918، وُلدت كاثرين كولمان في بلدة صغيرة بولاية فرجينيا الغربية، في زمن كان الفصل العنصري قانونًا، وكانت الفرص التعليمية للفتيات من أصول أفريقية شبه معدومة.
لكن والديها لاحظا منذ طفولتها أن الأرقام بالنسبة لها ليست مجرد رموز جامدة، بل كانت لغة خاصة تفهمها بطلاقة. في عمر العاشرة، كانت قد أنهت جميع مراحل الرياضيات المتاحة في مدرستها، ما دفع عائلتها للانتقال إلى بلدة أخرى لتستكمل تعليمها.

الفصل الثاني: الجامعة قبل البلوغ

دخلت كاثرين الجامعة وهي في الخامسة عشرة فقط، والتحقت ببرنامج الرياضيات، حيث كان أساتذتها يندهشون من قدرتها على حل مسائل معقدة في دقائق. بعد التخرج، عملت مدرسة، لكنها لم تتوقف عن البحث عن فرصة توظف قدراتها في مجال أكبر.

الفصل الثالث: الطريق إلى وكالة ناسا

في الأربعينيات، سمعت كاثرين عن برنامج جديد يوظف “حاسبات بشرية” في اللجنة الاستشارية الوطنية للملاحة الجوية (NACA)، وهي النواة التي ستصبح لاحقًا وكالة ناسا. كانت وظيفة “الحاسبات” هي إجراء حسابات دقيقة لمسارات الطائرات والصواريخ يدويًا، قبل عصر الحواسيب الإلكترونية.
انضمت كاثرين عام 1953، وسط بيئة يغلب عليها الرجال البيض، وفي ظل سياسة الفصل العنصري، حيث كان هناك حمامات منفصلة للسود والبيض، وحتى أماكن جلوس منفصلة في الكافتيريا.

الفصل الرابع: كسر القيود

رفضت كاثرين أن تُحصر في قسم منفصل أو أن تُستبعد من الاجتماعات الفنية، وأصرت على الجلوس في غرفة التخطيط مع المهندسين والطيارين. لم يكن الأمر سهلًا، لكن عبقريتها في الرياضيات الدقيقة وموهبتها في التحليل جعلت الجميع يدركون أن وجودها ضروري.

الفصل الخامس: سباق الفضاء

في بداية الستينيات، انطلق السباق الفضائي بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي. كان على ناسا أن تخطط لرحلات مأهولة إلى الفضاء وتعيد روادها بسلام.
كاثرين كانت العقل الذي حسب مسار الرحلة الأولى لرائد الفضاء الأمريكي آلان شيبرد عام 1961، ثم لعبت دورًا أكبر في حسابات مهمة جون غلين، أول أمريكي يدور حول الأرض.

الفصل السادس: الثقة الكاملة

قبل انطلاق مهمة جون غلين عام 1962، كان هناك حاسوب إلكتروني جديد يقوم بالحسابات بدلًا من البشر. لكن غلين لم يكن مطمئنًا، وقال لزملائه:

“دعوا الفتاة تتحقق من الأرقام. إذا قالت إنهم صحيحون، أنا مستعد للانطلاق.”
وكانت “الفتاة” هي كاثرين جونسون.

الفصل السابع: نحو القمر

ذروة إنجازاتها جاءت مع مهمة أبولو 11 عام 1969، أول هبوط بشري على القمر. كانت حساباتها لمسار الرحلة، وزوايا الدخول في الغلاف الجوي، ونقطة الهبوط، ضرورية لضمان عودة رواد الفضاء سالمين.

الفصل الثامن: الإرث

استمرت كاثرين في العمل في ناسا حتى عام 1986، وأجرت حسابات لمهمات مكوك الفضاء وبرامج أخرى. حصلت على ميدالية الحرية الرئاسية من الرئيس أوباما عام 2015، وتم تكريمها بفيلم Hidden Figures الذي أعاد قصتها إلى الواجهة.

الفصل التاسع: الرسالة

قصة كاثرين جونسون ليست فقط عن امرأة بارعة في الرياضيات، بل عن إنسانة تحدّت قيود المجتمع والتمييز، وأثبتت أن العقل والإصرار يمكن أن يغيرا مجرى التاريخ.

“لا تدع أحدًا يحدّد لك سقف أحلامك… السماء ليست الحد، بل بداية الطريق.”